دين الولايات المتحدة والسياسة والجهات الفاعلة غير الحكومية

دين الولايات المتحدة والسياسة والجهات الفاعلة غير الحكومية

في إطار مساعي مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأميركيين لتجنب إغلاق الحكومة الأميركية، قام المجلسان مؤخرًا بتمرير تدبير تمويل مؤقت يضمن استمرار التمويل الفيدرالي بالمستويات الحالية حتى 14 مارس 2025. وتشمل هذه التشريعات، التي وقعها الرئيس جو بايدن، تخصيص 100 مليار دولار كمساعدات إغاثية للكوارث، بالإضافة إلى 10 مليارات دولار لدعم المزارعين.

وعارض مشروع القانون هذا مطالبة سابقة من الرئيس دونالد ترامب بتعليق سقف الدين الأميركي. ومع ذلك، فقد حال إقرار المشروع دون حدوث إغلاق حكومي كان من الممكن أن يؤثر على الآلاف من موظفي الحكومة الأميركية وسفر العطلات. كما أبرزت الدراما السياسية الصراعات داخل الحزب الجمهوري وتأثير ترامب، ما كشف عن أنه ليس لديه السيطرة على الحزب كما كان يعتقد.

لقد كانت الولايات المتحدة في دوامة ديون لفترة طويلة، مع اقتراض ضخم، ما يترتب عليه آثار كبيرة على آفاق نموها. وتبلغ حاليًا نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة 110.39 %، ما يدل على أن الدين الوطني يفوق الإنتاج الاقتصادي للبلاد. ومنذ العام 2019، كان الدين الأميركي أعلى من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يُعد مؤشرا اقتصاديًا غير إيجابي. ويشكل هذا المستوى المرتفع من الديون تحديات كبيرة لرفاهية البلاد ونموها، في حين أن منافستها الصين تحقق نموًا متفائلًا وديونًا أقل بكثير، رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها.

وفي الأحداث السياسية الجارية في الولايات المتحدة، برز إيلون ماسك كفاعل سياسي مؤثر، حيث أظهر معارضة قوية لمشروع قانون التمويل، ولعب دورًا رئيسيًا في تعطيل الاتفاق المبدئي. ويكمن نفوذ ماسك في قدرته على التأثير بشكل كبير على صانعي القرار، بما في ذلك أعضاء الكونغرس الجمهوريون والرئيس المنتخب ترامب الذي تبنى آراء ماسك وطالب بتعليق سقف الدين العام. وقد تضمنت اعتراضات ماسك على مشروع القانون معلومات مغلوطة حول الشؤون المالية الحكومية والاستعداد للصحة العامة، ما يثير تساؤلات حول طبيعة هذا النفوذ، خاصة في ظل التقارير التي تشير إلى تمويل ماسك لحملة ترامب الانتخابية بمبالغ كبيرة.

ومن المحتمل أن يصبح ماسك شخصية أكثر تأثيرًا في السياسة الأميركية رغم عدم انتخابه، وهو ما لا يمثل صورة جيدة لأقوى ديمقراطية في العالم. وعلى الرغم من أن ماسك ليس ممثلًا منتخبًا للشعب، إلا أنه سيقود، إلى جانب فيفيك راماسوامي، “إدارة كفاءة الحكومة”، وهي هيئة غير حكومية تقدم المشورة للحكومة بشأن تدابير خفض التكاليف.

ويشير كل هذا إلى احتمال وجود تضارب كبير في المصالح بتقلد ماسك مثل هذا المنصب، حيث قد لا تتوافق مصالحه بالضرورة مع مصالح الجمهور، مع وجود احتمال كبير بأن تؤثر أجندته التجارية والشخصية على توصياته.
أتوقع مواجهة تحديات كبيرة في ظل الحكومة الأميركية القادمة إذا استمر ماسك في هذا المنصب، كما أتوقع تحديات للاقتصاد الأميركي في العام 2025 إذا لم تتحسن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.