الصين - خطوة أقرب إلى الطاقة شبه اللامحدودة
الصين - خطوة أقرب إلى الطاقة شبه اللامحدودة
تُعد الطاقة من السلع الحيوية في عالمنا المعاصر، وتحتل مكانة بارزة على أجندات جميع الدول على مستوى العالم. كان أمن الطاقة يشكل مسألة ذات أهمية كبيرة خلال الجلسات التي شاركت فيها أثناء تقديم المشورة لمنظمة التجارة العالمية (WTO) بشأن تحديد مستقبل التجارة، وأثناء فترة عضويتي في غرفة التجارة الدولية في فرنسا. تعتبر الحكومات هذا الموضوع أولوية قصوى، إذ أن تحقيق الاستقلالية في الطاقة يفتح آفاقًا واسعة للابتكار والازدهار والتقدم التكنولوجي.
لقد برزت الصين في طليعة السباق نحو حلول الطاقة المستدامة من خلال مفاعل "توكاماك المتقدم عالي الإشعاع" (EAST) بعد التقدم الكبير في تكنولوجيا الاندماج النووي. وقد أُطلق على هذا المفاعل اسم "الشمس الاصطناعية"، حيث يقوم بإعادة خلق درجات الحرارة المرتفعة التي توجد في الشمس داخل غرفة مصممة خصيصًا لذلك، مُنتِجًا كمية هائلة من الطاقة مع الحد الأدنى من النفايات المشعة مقارنة بالمفاعلات النووية التقليدية.
لا يُعدّ هذا الإنجاز مجرد تقدم علمي مهم، بل يمثل أيضًا خطوة استراتيجية حاسمة قد تترك تأثيرات بالغة على الاقتصاد الصيني ومكانة الصين على الساحة العالمية. إن النجاح في تجاريّة تكنولوجيا الاندماج النووي قد يُحدث تحولًا جذريًا في قطاع الطاقة في الصين من خلال تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يسهم بشكل كبير في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة. ومع ذلك، يبقى الطريق نحو تحقيق تكنولوجيا الاندماج النووي قابلًا للتحديات، إذ لا تزال تفصلنا عدة سنوات قبل أن تصبح هذه التكنولوجيا قابلة للتطبيق من الناحية الاقتصادية.
لقد كانت الحكومة الأمريكية نشطة في متابعة تكنولوجيا الاندماج النووي، من خلال مبادرات ممولة من الحكومة مثل "منشأة الإشعال الوطنية" (NIF)، بالإضافة إلى المشاريع الخاصة التي تسعى لتحقيق اختراقات في مجال طاقة الاندماج. ومع ذلك، فإن النهج المركزي الذي تتبعه الصين، المدعوم بدعم حكومي كبير، قد منحها ميزة كبيرة في تقدم أبحاث الاندماج النووي.
إن نجاح تسويق طاقة الاندماج النووي سيكون ذا أهمية بالغة للاقتصاد الصيني، حيث سيتيح توفير مصدر طاقة مستدام يقلل من تكاليف الطاقة ويحفز المزيد من الابتكار في الاقتصاد. كما سيسهم هذا النجاح في تعزيز النفوذ السياسي للصين على الساحة العالمية، مما يجعلها واحدة من اللاعبين الرئيسيين في سوق الطاقة الجديد.
أهنئ المجتمع العلمي الصيني على هذه الإنجازات المتميزة، وأعرب عن تقديري الكبير للرئيس شي جين بينغ لتمكينه من خلق بيئة مواتية تسهم في نمو وازدهار الابتكار في مجال الطاقة.
طلال أبوغزاله